الرجل الزاهد والمؤذن الشاعر غانم بن سليم بن لويفي بن مرضي بن الصليلي بن عيسى بن أحمد بن مفلح -رحمه الله – من شعراء المفالحة من الفليحان من الشرارات, عرف بالصلاح والسمت و الوقار ,سكن ميقوع وعرف عنه التدين والعبادة وكثرة الصلاة حتى إنه ليؤذن وهو على بعيره أو على السيارة فيما بعد , وهذه بعض قصائده ومنها(1) :
1- أنه كان يوما من الأيام مع نياقه وكان هناك بعض الشباب بجنبه طالعين رحلة للبر فقام بجمع الإبل ليحلب لهم الخلفات فدخل عليه وقت صلاة العصر عندها قام برفع الأذان لصلاة العصر فبدأ بعض الشباب يضحكون ويستهزئون بصوته فسمعهم وقال هذه القصيدة الوعظية و المذكرة بالموت وذهاب الأحباب :
لقيت جيل(ن) للمشركين هايف
اللي على صوت الموذن يهزرون
وكل ساعة(ن) وانا من الموت خايف
والادمي ما هو من الموت مضمون
مات الرسول اللي على الناس نايف
يا ويلكم مالكم مفض(ن) تفضون
يا جو وين امرجعين العرايف
أخلت منازلهم من الموت حسون
مثل الحريق بيوتهم بالوصايف
كثر الجراد أموالهم كيف يروون
هجوا على موميات السفايف
تنحروا درب الهدى ما يخافون
وجدي على الشياب زين السوالف
سوالف(ن) تقصر من الليل كانون
2- وعندما سكن البدو المدينة تغيرت عليهم الحياة فتذكر شاعرنا-رحمه الله- حياة البادية في روعة الأمطار وجمال السيول وتذكر البدو وكرمهم وطيبهم فيما يقدم للضيف و تذكر الإبل وممشاها والخيل وسرعتها بهذه القصيدة المعبرة ( يا ما حلا ) :
يا ما حلا مشراف روس المشاريف
والقور زمات الضحى واجهنه
ويا ما حلا مزن الثريا إلى شيف
برق(ن) هميم(ن) والبعيد اجذبنه
كتن على نيال غرن مخاذيف
السيل جارح والخرز قذمنه
مشغرف(ن) روس البرد له شغاريف
أبيض هللهن والغضى كصمنه(2)
ويا ما حلا اتحيي البدو للضيف
زين اللبن عقب العشا ما تمنه
وشعورهن عشرة على كل توصيف
وان شافهن راع الشقا يلقعنه
غدف الذري جرد الرقاب الطواهيف
لو المحل ممشى شهر يقطعنه
يبرنهن شقر المهار المزاهيف
طفقات لولا روسهن بالاعنة
راجن على الخلفات خورن معاطيف
والصالح اللي رمعن بيننه
ويا ما حلا قطر الدلال المهاديف
ونجر(ن) صليب إذانة الفجر دنه
وابهارهن متخيرينه على الكيف
ريحة نفل يوم السيول ادعجنه
وتصيد الغزلان بقفر الاطاريف
بمرتع(ن) غزل الضبا يقبلنه
3- وهذه قصيدة يتحدث فيها الشاعر عن تغير الدنيا وتبدل الأحوال وانقلاب الموازين:
أشرفت بالمشراف حين العصيري
ولا شفت انا إضعون بدو(ن) وقطعان
ولا شفت مثل الغيم ورد وصديري
والجو ما يقطن ولا شفت قطان
واشوف بالدنيا غيار(ن) كثيري
صاروا عيال العم قوم(ن) وعدوان
وجيل(ن) طلع ما يرحمون الصغيري
وكبيرهم يسمع من الحكي حقران
يشري من الشيشة(3) دجاج وعصيري
ولا روح الخلفات زينات الالبان
وجدي على قهر الثقل بالمحيري
مطب سيل(ن) فيه رجله وحوذان
ان طبته شيب الغوارب تحيري
بقفرتن ما بها حساس(ن) وزيلان
ومن الشذى جول الحباري يطيري
وتلقى مع البطحا مداريج غزلان
4 – وهذه قصيدة من قصائدة – رحمه الله –(4) :
قلبي شلع لمشوحات المراقيب
وابغضت مقعدي بالركادة
واشوف زمن الرعايا تغاريب
واتلا العرب يمشي على غير رادة
يذكر حيا يم تلول المرابيب(4)
و لا من ورا نجد المكهي سعادة
روس البنايا واحتنن العراقيب
وياما عرض من دونها من نكادة
يا الله يا جايب الحيا عالم الغيب
يا محيي عرق(ن) مرمد سماده
تسقي لنا من الزرب للجيب
للنبك هو و ايا حوافة بلاده
ترجع لنا عن ديار الاجانيب
سود الوجوه مشلوطين الكدادة
هذه بعض أشعار الشيخ المؤذن غانم بن سليم المفالحة-غفر الله له-وقد توفي-رحمه الله- فجر يوم الجمعة يوم عيد الأضحى الموافق 10/12/1422هـ وصادف يوم وفاته يومين فاضلين يوم الجمعة ويوم عيد الأضحى( يوم النحر) أسأل الله – بمنه وكرمه – أن يجعل ذلك علامة حسن خاتمة له فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ) (5)
وقد رثاه ابنه الشاعر عيد بن غانم حينما أتاه نبأ وفاته وكان بعيدا عنه فقد كان مكلفا بمهمة رسمية في منطقة مكة المكرمة ولم يتمكن من حضور وفاته فلم يصل عليه ولم يشارك في دفنه لعدم علمه بوفاته فأثر ذلك في نفسه تأثيرا بالغا مما جعله ينظم هذه الأبيات المعبرة فقال:
البارحة ما امسيت أنا الليل سهران
من ضيقة بالصدر مرت عليه
والهاجس اللي صار بالفكر حيران
من ضيقته ضاقت علي الفضيه
والقلب قامت تشتعل فيه نيران
من حرها حسيت بالقلب كيه
ليلة فرح بقدومها صرت وجعان
وعقلي نوى المرواح ما هو معيه
أحد يعايد ليلة العيد فرحان
وانا أعايد علة داخلية
وعلمن لفاني هزني هز بركان
علمن لفاني يوم عيد الضحية
يوم الفرح عيدي تبدل بالاحزان
ليت القدر عجل علي بالمنية
هلت عيوني دمعها فوق الاوجان
على افراق ابوي حالي شقيه
عقبه ترى ماني على العمر شفقان
اللي كواني حر فرقاه كيه
من فرقته لو صار في عقلي اجنان
ما هي حسايف بالحياة البقيه
كنت اتمنى شوفته بين الاعيان
زوله بعيني كل صبح ومسيه
يا ليتني كفنت ابويه بالاكفان
أو ليتني للقبر شلته بيديه
أو ليت يوم الله امر والقدر حان
روحي معه للموت راحت سويه
عزاي إنه ما ترك خمس الاركان
روحه بذكر الله دايم هنيه
عمره قضاه بطاعة الله والايمان
يخاف ربه ما مشى بالخطيه
يا الله ياللي خالق الانس والجان
سبحانك المعبود رب البريه
يا الله ياربي تجازيه بحسان
يا عالمن عن كل سر الخفيه
عسى مكانه جنة الخلد مسكان
يوم القيامة وانت يالله وليه
أسأل الله تعالى أن يغفر له و يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زودني بهذه القصائد والمعلومات ابنه الأخ الشاعر عيد بن غانم المفالحة , وأنا قمت بتنسيقها وصياغتها .
(2)تنطق(كصمنه) بالكاف عند البعض , وعند آخرين تنطق ( قصمنه ) بالقاف وأعتقد أن هذا هو الأصح والأقرب للغة .
(3) الشيشة: المفصود بها المحطة التي عندها بقالة كانت تسمى بهذا الاسم سابقا
(4) ذكرها لي الشاعر أبو ضيف الله سبيتان بن سويلم المنصور الشراري – حفظه الله – في 18/10/1432هـ و(المرابيب) بلاد في نجد كما أفادني أبو ضيف الله .
(5) قال الشيخ الألباني- رحمه الله – : (فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح) من كتاب أحكام الجنائز ص 49-50 ( علامات حسن الخاتمة )