الشاعر والفارس منزل العرمان المفالحة الفليحان الشراري مثال على المشاعر الإيمانية عند البدو وقد كان الناس على زمن البادية يحجون على أقدامهم أو رواحلهم(الركايب) لمن يملك الراحلة -وهم قليل -ويمشون مسافة الأشهر ويواجهون من المخاطر ما الله به عليم من السلب والنهب أو من السباع الضارية فرحمة الله على آبائنا وأجدادنا لم تمنعهم المشقة من أداء الفرائض كفريضة الحج(1) ومن أفضل الأمثلة التي سمعتها منذ الصغر قصة ذلك الرجل الفارس منزل العرمان الشراري- وهو معروف بفروسيته وبره بوالديه برا عظيما- عندما اشتاق للحج وهو رجل كبير طاعن في السن لا يستطيع التمسك على الراحلة وكان قد حج قبلها سبع حجات وكان له ابن يسمى ( جحا ) فأخبر منزل ولده برغبته بالحج واشتياقه إليه فقال له ابنه : يا يبه انت رجل كبير ولا تستطيع الركوب وانت بحاجة العناية ولا يوجد أحد غيري يمشي معك وانا وحيد ما أقدر أخلي أهلنا وحلالنا ولا اقدر أخليك-يظهر إن الولد خايف على والده من سفرة الحج ويتحجج له بهذه الأعذارحتى يريحه لما يرى من عجزه وطعنه في السن- فيوم سمع الوالد من ولده هذا الكلام تأثر وسكت فلما أحس منزل أنه لحاله قال :
لا وهني من شاف قصر المدينه
بيت(2)الرسول اللي من البعد ننصاه
و لا وهني من شاف مكة بعينه
وجوَّد عراها بيمينه ويسراه
ويضمها ضم الجنين(3) لجنينه
وزمزم إلى جيته ترويت من مـاه
…………………………….(4)
وصوت الملبي يرعب القلب بغناه
فسمعه ولده فجهز له حوائجه وأغراضه على الراحلة وقال له : يا يبه تراك حجاج من باكر-إن شاء الله-فاستبشر الوالد وحج لوحده مع كبره في السن وتعرض لبعض المخاطر في الطريق ممن يسمون ب( القوم ) ولكن الله نجاه ورجع سالما غانما بفضل الله تعالى(5) .